إذا كانت الدول الغربية تصنع سياسات لترويج لغاتها ودفع بها للانتشار فإن الدول العربية لازالت قاصرة اليد عن فعل ذلك
بالرغم من بعض المحاولات اليائسة. وإذا كانت بعض الأسر تنظر للغات الأجنبية بأنها المستقبل الواعد لأبنائهم فهم بدون شك لم
يفهموا بعد بأن اللغة ترتبط بالفكر والهوية والثقافة وبأنها تعبر عن جوهرهم وإن فقدوها فقد فقدوا خصوصيتهم، وأصبحوا قوما
غير الذي كانوا عليه. ففي المغرب نجد أن معظم الهيئات الحساسة في هذا المضمار لم تكن لها كائنة بعد فأكاديمية محمد
السادس للغة العربية لازالت على الورق وكذلك الشأن بالنسبة للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. إذن إن كانت وضعية
اللغة العربية على مستوى القرار تأخذ وضعية التهميش، فهذا يزيد سوءا حينما لا يتم دعم تعليمها لغير الناطقين بها. فتتقزم
دائرتها وتتراجع إلى أن تنتهي.
وإن كنا نستقبل لغات الغير بانفتاح وتقبل فإننا ملزمون بتقديم لغتنا للآخرين في إطار التبادل لأن التبادل التجاري والاقتصادي
يجب أن يتوازن مع ما هو ثقافي ولغوي لهذا وجب خدمة اللغة العربية لذاتها وأهلها أولا وثانيا خدمتها لتأخذ حصتها من أكبر
قدر ممكن من المتكلمين. لأن اللغات حسب اللسانيات الحديثة تعيش بمتكلميها، وكل متكلم فهو مستهلك.
لذلك يمكن القول بأن تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها يمثل قطبا جديدا في البحث العلمي الذي يستلهم من العديد من العلوم
الأخرى المساعدة بعض التقنيات والمناهج على أن يكون لنفسه أرضية صلبة تتماشى مع ما جد من النظريات في السياق
الحاضر وفي اتجاه تنبئي لا يقل أهمية عن رهانات العصر الحالي. مما يدعونا إلى التساؤل عن مدى تأثير استراتيجيات تعليم
اللغة العربية لناطقين بغيرها التي تم إعدادها بالدول العربية للمتعلم الأجنبي، بالمقارنة مع باقي اللغات الأجنبية الأكثر تعلما؟
للإجابة عن هذا التساؤل يمكن ملاحظة أن اللغة العربية بلغت من الاهتمام العالمي بها درجة متميزة إلا أنها لم تعد بعد اللغة
العالمية الأكثر انتشارا بحيث تزاحمها الإنجليزية )هي وغيرها( في العديد من مجالات الحساسة فيما يخص التقدم والتطور
العلمي والتكنولوجي.
كما أن مراعاة الجانب الثقافي والاهتمام به أمر ضروري ويجب أن يكون جزءا محوريا من تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.
وإهماله يعني إبعاد المتعلمين من أهم مكونات اللغة العربية الذي بدوره يعني سد طريقهم إلى إجادة اللغة العربية بصورة كاملة وشاملة. وهذا سوف يشكل في نهاية
المطاف عائقا لاتصالهم بها وبالناطقين بها في شتى ألوان الاتصال.
ونضيف في ذات السياق بأن وضح معاهد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها يزيد من الاهتمام بتعلم اللغة العربية للأجانب من
مختلف الدول والأديان بأسلوب متميز يساعد الطالب على اكتساب المهارات اللغوية السليمة بالاعتماد على أحدث البرامج
العالمية وأيضا التركيز على مهاراتي الاستماع والمحادثة، والعناية بضبط مخارج الحروف والجمع بين التدرب والتدريب
للمهارات اللغوية الأربع: القراءة، الكتابة، الاستماع، والمحادثة. إضافة إلى فن الإلقاء. والإكثار من المشاركة بالفعاليات الثقافية
الدولية والمحلية المناسبة باللغة العربية وبذلك نعزز التواصل باللغة العربية وننشر الثقافة الاسلامية. كما نشير إلى الاعتماد
بالدرجة الأولى على مبدأ امتلاك طالب اللغة العربية كمهارة وليس كقواعد فقط ولاسيما للطلاب الأجانب الذين يعتمد منهاجهم
على تركيب الجمل والكتابة مع مراعاة النحو والصرف أي نعتمد على التعليم الفطري فنتعلم الجمل مباشرة .بالإضافة إلى الابتعاد
على الأساليب التقليدية للتعليم أي لا نركز على لغة المتعلم الأصلية لأن الطلاب في جامعاتنا يشكلون خليطا من عدة جنسيات
إفريقيا وآسيا وأروبا ، لذلك علينا أن لا نستخدم اللغة العربية فقط بل نهتم بالنطق الصحيح لمخارج الحروف والمفردات ونتمكن
من تركيب عبارات من خلال التدريس وفق نظريات حديثة، و يعني ذلك مشاركة المتعلمين مع المدرسين في اختيار طرق التعلم
والتعليم فيما بينهم إضافة إلى الوسائط المتعددة وإيجاد أجواء مناسبة ومحفزة للتعلم ، باختصار : نبتعد تماما عن الأساليب
التقليدية .تدريس اللغة العربية من خلال الصوت والصورة . وذلك بعرض أفلام فيديو والمناقشة مع الطلاب واستنتاج الأفكار
الأساسية للفيلم.
نافل القول إذا كانت السلطات في المملكة المغربية تهيئ القوانين المناسبة لهندسة الوضع اللغوي بالمغرب وهندسة اللغات
التدريس بين المدرسة والمدرس بها فإنها مطالبة بتهيئ هندسة لوضع سياسة لغوية خارجية لرفع من قيمة لغتنا ومحاولة
إعطائها المكانة التي تستحقها لأن مكانتها هي مكانتنا. ولعل خدمة الآخرين للغاتنا قد يصبح أكثر من خدمتها من طرف أبنائها.
Hi! I am a robot. I just upvoted you! I found similar content that readers might be interested in:
http://www.hespress.com/opinions/358114.html
This is my article I wrote in that blog
كلام صحيح، أوافقك الرأي إلى حد ما
سؤالي: برأيك كيف ستساعد اللغة العربية غير الناطقين بها في مجال البحث العلمي؟