تقرأ عن أصل الانسان .. يخبرونك عن أنه كان قردا من نوع خاص، لتشتعل الامور فجأة، هو قرد .. بل إنسان مُكرّم، يالروعة .. إكتشفوا جين من نوع فريد يتشابه مع
شامبنزي في كوستاريكا، يرد آخرون "بل المجد للإنسان"، في الحقيقة إن كنت من هواة متابعة ذلك النوع من الحوار سأخيب ظنك، لن يهمنا هنا إن كان أصله طحلب ذكي، كان يرقد في قاع حمام جاكوزي قديم .. أو حتى كان أصله بالونة عيد، بل دعنا نتحدث عن الفرق الجوهري بين الانسان وما دونه .. الحرية.
دعني أحكي لك قصة الرجلين، اللذين جلسا متقابلين تحت شجرة مثمرة، منهكين بعد سفر، رفعا معا بصرهما .. كانت ثمرة تداعب شهوة البقاء، تتدلى وحدها .. تخبرك بأنها آخر أمل للحياة، أولهما فرح بنضجها، والثاني هز رأسه ينهره .. هي ليست كذلك، وأكلها قد يُمرض، ظلا يتناقشا .. فإحتدا .. نهضا معا في غضب، وقررا الفراق، سار كل منهما في ناحية. وكآخر رد فعل .. نظرا مرة أخرى للثمرة من الجهة المقابلة، فنظرا لبعضهما .. فضحكا .. فعادا لنفس المكان .. وتعانقا، إتفقا فقط عندما أبدلا مكانهما، رأى كل منهما ما يراه الآخر.
قد تبدو قصة عن أهمية أن نضع أنفسنا دائما مكان الاخر، لكن دعنا نتلق منها أشياء أخرى.
عن حرية التفكير والرأي .. فكلاهما عبر عن رأيه في نظرته للثمرة كما يراها، تهديد البقاء لم ينزع منهما أن يفكرا .. وأن يعبرا عن نتاج هذا الفكر بحرية، إنسانيتهما عبرت عن القرار الذي يجب أن يُتخذ .. حتى وإن كان هذا القرار ليس بصواب، لتظهر حرية الاختيار .. في أن يختار كل منهما طريقه، الطريق الذي يراه ملائما له هو، لا الطريق الذي يرسمه له الاخرون، عندها فقط يشعر الانسان بإنسانيته، لتفسح له أن يشعر بالآخر .. أن يتفهمه.
تلك الشعرة الشهيرة، التي تفصل بين كل الاشياء، بين ذلك السفاح .. وبطل الحرب الذي يحصل على نياشين أكثر، كلما قتل من الاعداء أكثر، هو نفس الخط الرفيع بين أن يحصل الانسان على حريته –التي ولد بها اصلا- وبين أن يفقدها خلف خطوط أعداء حريته، ليصبح كائنا يعيش .. فقط من أجل أن يعيش. لن نرهق أنفسنا حينها في أن نبحث عن أصل له.
هو نفس الخط إياه، الذي قد يجعل من حريتك نفسها .. تجاوزا لحريتي أنا، خط يشطب حريتي في صلف، لتفقدك وقتها الحرية معنى الانسانيه، أن تتحول لهذا الشيء، الذي يريد أن يفترس كل ما هو يختلف عنه، لا قانون .. لا شريعه، فقط تبقى شريعتك أنت، التي إخترعتها لتبرر بها خروجك على الانسانية. تظهر وقتها حرية من نوع جديد، حرية تجعلك تسب وتلعن هذا الذي إبتدع الحرية نفسها.
في النهاية أريد أن ابشرك .. إن كنت قد إخترت في تلك اللحظة أن تقرأ عن الحرية، أن تبحث عن معنا لها، لو أثار ما قرأته هنا حالة من عصف ذهني ما، لو إتفقت مع كل ما جاء هنا، لو حتى شعرت بالتحفظ على كل ما فيه، إذا فأنت حر .. أنت إنسان.
أكرم إمام
Congrats @akram.emam your post made it on the "Top Posts Daily Selection" today. Upvoted 100% and resteemit. For more information pls visit and follow @steem.arabic
Follow us on Facebook Arabic digital currencies تابعونا على الفيسبوك
again and again so appreciated :)
great