شكلت ساحة جامع (الفنا) بمدينة مراكش المغربية مركزا حيويا للتسوق والسياحة منذ زمن بعيد يقصده الزائرون والسائحون للتعرف على معالم تلك المنطقة التي تجسد حقبة مهمة من تاريخ المغرب.
وبنيت ساحة (الفنا) في عهد الدولة المرابطية خلال القرن الخامس الهجري كنواة للتسوق لكن اهميتها تزايدت بعد تشييد مسجد الكتبية بعد قرابة قرن كامل.
واستغل الملوك والسلاطين في ذلك الوقت الساحة كفناء كبير لاستعراض جيوشهم والوقوف على استعدادات قواتهم قبيل الانطلاق لمعارك توحيد المدن والبلاد المجاورة وحروب الاستقلال.
وساحة جامع الفنا هي عبارة عن فضاء واسع ارضيته من الاسفلت التي تحيط به مجموعة من الدكاكين والفنادق والمقاهي التي تعج بالناس ليل نهار .
وتستمر التجمعات بالساحة وسط دهشة السياح الأجانب مما يقدم في الحلقات من غرائب الحركات البهلوانية والفكاهية وألعاب السيرك والسحر يتحلق حول أبطالها رواد يذكون أجواء الحماس بالتصفيق وعبارات الثناء.
ويجود رواد الحلقات من المواطنين والسياح الأجانب ببعض الدراهم لفائدة رجل الحلقة قرداتيا أو بهلوانيا أو مطربا أو مروض الأفاعي فليس لهؤلاء أجر غير ما تجود به أيدي المتفرجين.
ويتردد على الساحة جماهير غفيرة من السياح والاجانب الذي يستمتعون بالفرجة والتلذذ بجمال الفنون الشعبية المغربية حيث تستقطب الساحة سنويا ملايين الزوار ويعتبر من روادها مشاهير الفن العالمي من السينمائيين والمغنيين والرسامين والمصورين كما ولع بها سياسيون ومثقفون ومفكرون ورؤساء دول.
وتنطلق الفرجة في ساحة جامع الفنا في الساعات الأولى من صباح كل يوم بحلقات الحكواتيين والقصاصة الذين يغتنمون أجواء الهدوء قبل أن تعج الساحة بالصخب والحركة وارتفاع أصوات الموسيقى والطبول وتستمر الفرجة الى ما بعد منتصف الليل كموسم من مواسم الولائم أو عرائس القبائل.
وتحيط بالساحة أسواق شعبية تاريخية حافلة بمختلف البضائع من الصناعات التقليدية المغربية كالمنحوتات والمنتوجات الجلدية واللباس التقليدي من القفطان والجلباب والزرابي وغيرها.
وتثير ساحة جامع الفنا اهتمام واعجاب المهندسين في العالم أجمع كما يقول خوان غويتوصولو الكاتب الاسباني المقيم في مراكش وأحد المغرمين بالساحة وقد كان له فضل اعتراف اليونيسكو بها تراثا شفهيا إنسانيا يمكن افناء ساحة جامع الفنا بقرار اداري ولكن يشق احداثها أو احداث شبيه لها بقرار اداري.
واضاف غويتوصولو في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان ساحة جامع الفنا ليست مجرد فضاء للتراث الشفهي وهي ليست مجرد متحفا لامرئ يعشق القديم بل انها أيضا أفق لمستقبل مراكش الذي يتطلع اليه سكان المدينة بكل الآمال والأماني مؤكدا ان المدينة بغير الساحة لا أهمية لها.
واشار غويتوصولو الى ان اهمية ساحة الفنا تعود الى انها تاسست عبر التاريخ تلقائيا من طرف المجتمع المغربي ليس بقرار اداري أو بارادة سياسية وهي اليوم رمز مراكش بل رمز المغرب يجب احترامها وحمايتها وهذه مسؤولية الإنسانية ومسؤولية العالم ككل.
وتعترف اليونسكو بساحة جامع الفنا تراثا شفهيا انسانيا منذ العام 2002 عندما ترأس مديرها العام كوتشيرو ماتسورا الاحتفال الرسمي للاعلان في 18 مارس من نفس السنة معلنا بذات المناسبة أن اختيارها تم اعتبارا لحضورها الثقافي والحضاري عبر امتداد عميق في التاريخ جسد قيم التسامح والتعايش بين الثقافات والأديان WLADBLADI.COM
Sort: Trending